* أهمية الصبر في الإيمان وذكر أنواع الصبر
* الشيخ الدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي
* من محاضرة: دروس رحلة فتح المجيد
حيث أنه لا يمكن للإنسان أن يكون مؤمناً حقاً إلا بالصبر, وقد ذكر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
الصبر في كتابه في تسعين موضعاً أو أكثر, كما قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى، والصبر ثلاثة أنواع:
1-الصبر على الطاعة.
2- الصبر عن المعصية.
3- الصبر على الأقدار.
الصبر على الطاعة
فالصبر على الطاعة -مثلاً- كاستيقاظ الإنسان مبكراً, وهو ربما يكون سهراناً أو متعباً, أو الجو بارد, أو أي عذر من الأعذار؛ لكن إذا حان وقت صلاة الفجر فإنه يقوم ويصبر على الطاعة, ويمشي إلى بيت الله سبحانه, ويستجيب إلى المنادي إذا نادى: حي على الصلاة, حي على الفلاح, فهذا صبر على الطاعة.
ويصبر على الصيـام وإن كان هناك تعب أو حرارة أو عطش أو مشقة؛ مما لم يرخص الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فيه.
وفي الزكاة والصدقات والنفقات الواجبة, يصبر على أن يؤديها, وإن كان الإنسان لحب الخير لشديد؛ ولكن لا بد أن يصبر على ذلك لأنه في ذات الله، ويصبر على الحج... وهكذا.
فهذا هو الصبر على الطاعة.
الصبر عن المعصية
والنوع الآخر: الصبر عن المعصية، فالنفس تتطلع إلى النظر المحرم والفاحشة -نعوذ بالله- وأكل الربا، وإلى أكل أموال اليتامى، والأخذ من حقوق الناس، وتشتهي أن تتحدث وتتكلم في أعراض الناس, فإذا بدأ الحديث والكلام عن أعراض الناس، فإنها ينبسط وترتاح, وتوجد الرغبات والشهوات؛ ولكن حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات، فالإنسان يجب أن يصبر عن المعاصي، ويكف نفسه عنها.
الصبر على الأقدار
والثالث: الصبر على الأقدار، وضرب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك مثلاً لابن آدم فقال: { هذا الأمل } والأمل نافذ وبعيد, والإنسان الذي عمره خمسين أو ستين سنة, يؤمل إلى ما بعد المائة أو المائتين أو أكثر، وصدق رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {يشيب ابن آدم ويشب معه اثنان الحرص وطول الأمل } فكلما ازداد عمره، ازداد الحرص وطول الأمل عنده، فسبحان الله! دائماً الكبار أحرص من الصغار على الدنيا وعلى عدم إضاعة أي شيء, وعلى عدم التفريط في أي شيء, وهذا كلام حق من كلام رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيؤمل الإنسان الأمل البعيد، والأجل يقطعه.
وهناك قصة واقعية مشهورة، تقول: إن أحد التجار تعاقد مع شركة على مصنع, وهو كبير في السن -عمره فوق الستين سنة- وقال لهم: كم يمكن أن يستمر المصنع في الإنتاج ولا يتعطل بالكلية؟
قالوا: يمكن أن يستمر مائتي سنة.
والشركة أصحابها كفار، فقدروا أن المصنع سيستمر مائتي سنة ولا يتعطل.
قال التاجر: وبعدها أأقفله؟!
فهذا التاجر عمره قرب الستين, ولكن الإنسان ينسى، ويظن أنه باقي, وأن عمره ممدود لكن الأجل يقطعه، كما أخبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ثم السهام قبل الأجل, فهناك العوارض: مصيبة أو مشكلة أو مرض أو خسارة لا يخلو منها أي إنسان.. فهذه هي حقيقة الحياة, ولهذا لا بد في هذه الحياة من الصبر.
وهذا الصبر واليقين أثنى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى على من جاء بهما ورفعه: وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ [السجدة:24] فالذين يجمع الله لهم بمنه, وفضله, وتوفيقه بين الصبر واليقين؛ يكونون أئمة هداة يهدون بأمر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى, ويقتدى بهم، وهذه لا تجتمع إلا لمن وفقه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وهكذا بقية أعمال القلوب.
ونكون بهذا -إن شاء الله- قد أتينا على قول اللسان, وقول القلب -أي إقراره وتصديقه- وعمل الجوارح وأعمال القلب, على إيجاز في ذلك, وننتقل إلى معنى شهادة أن محمداً رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
منقووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووول للفائده